🌫️ حين يتكثف الضباب داخل الروح… يبدأ سؤال الوجود
في لحظة ما، يتوقف الإنسان ليسأل: "لماذا أنا هنا؟"يتسلل الشك أحيانًا مثل غيمة باردة، يُعكر يقينك، ويضع علامات استفهام في قلبك قبل عقلك.
تشعر بالارتباك، ربما بالذنب، وربما بالخوف. لكن الحقيقة أن الشك ليس نهاية الإيمان… بل قد يكون بدايته.
🧭 الشك مرحلة… لا وجهة
الذين يظنون أن المؤمن لا يشكّ أبدًا، لم يفهموا حقيقة الإيمان.الشك لحظة اختبار، وهو ليس جريمة بحد ذاته، بل هو استدعاء للعقل كي يبحث، وللقلب كي يُصغي.
إنكار الشك لا يجعله يختفي… لكن مواجهته قد تُحوّله إلى يقين لا يتزعزع.
🧠 لماذا نشك؟
تتعدد أسباب الشك:-
فكر تأثرت به من الإنترنت أو الأصدقاء
-
تجربة مؤلمة دفعتك للتساؤل
-
ضعف معرفي بالأصول العقدية
-
فراغ روحي جعل الإيمان يبدو باهتًا
لكن في العمق، أكثر من يشك… هو أكثر من يُريد أن يؤمن بصدق.
القلوب التي تسأل بعمق، هي التي تبحث عن الله بروح عطشى.
🕯️ رحلة الإيمان ليست خطًا مستقيمًا
حتى الأنبياء مرّوا بلحظات من الحيرة والانتظار.قال سيدنا إبراهيم عليه السلام: ﴿رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى﴾
لم يكن يشك في قدرة الله، لكنه أراد طمأنينة أعمق.
وهكذا نحن… نؤمن، ثم نطلب دليلًا، ثم نهدأ.
الإيمان لا يعني غياب الأسئلة، بل أن تبقى الأسئلة تحت ضوء العقيدة، لا في ظلام الضياع.
🔍 من هنا تبدأ الرحلة: لا تهرب من الشك، بل حاوره
إذا شعرت بشك، لا تكبته، ولا تخجل منه.بل اطرحه بعقلٍ يبحث، لا بنية إنكار.
اسأل: ما الذي يُزعجني فعلًا؟ ما الذي لا أفهمه؟
ثم ابحث عن الإجابة من مصادر موثوقة، وعلماء مخلصين، لا من صفحات مشبوهة أو مقاطع مجتزأة.
الشك لا يُهزم بالقمع… بل بالفهم.
📖 العقيدة ليست مفاهيم جامدة… بل نور يتسلل إلى قلبك
حين تفهم لماذا نؤمن بالله، ولماذا نثق بكتابه، ولماذا نُحب رسوله ﷺ، يتغيّر كل شيء.العقيدة الحقّة لا تُلقّن، بل تُذوق، تُفهم، وتُعاش.
حين تعرف أن الله معك، يسمعك، يراك، يحبك… تبدأ بالاستقرار الداخلي.
من هنا… يبدأ النور في التسرّب داخل الضباب.
🛑 احذر من الأصوات التي تُغذّي الشك دون أن تمنحك جوابًا
بعض الشكوك تُطرح لا بهدف الحقيقة، بل لهدمها.يأتيك من يقول: "هل الله موجود فعلًا؟" دون أن يمنحك إطارًا معرفيًا واضحًا.
الغاية ليست الإجابة… بل الزعزعة.
وهنا أنت بحاجة لتمييز نوايا الأفكار، لا فقط محتواها.
العقل السليم لا يقبل أن يُطرح عليه سؤال بلا ضوء يُنير الطريق.
💡 ما الذي يمنحك اليقين؟
-
التفكر في الكون: في تفاصيل الخلق، وفي النفس، وفي المعجزة الكبرى المسماة "أنت"
-
العلم بالعقيدة: من خلال دراسة التوحيد، دلائل النبوة، وعظمة القرآن
-
الصحبة الصادقة: حين تحيط نفسك بمؤمنين يُذكّرونك بالله
-
الدعاء: الصادق بأن يُريك الله الحق حقًا ويرزقك اتباعه
اليقين لا يأتي دفعة واحدة… بل قطرة قطرة ، كلما فتحت قلبك للحق.
🕋 العقيدة التي تُثمر… هي التي تغيّرك
ليست العقيدة مجرد حِجج عقلية، بل نور يُترجم إلى سلوك.أن تؤمن بالله، يعني أن تسكن إليه، أن تتوكل عليه، أن تخشاه وتُحبه في آن.
أن تؤمن باليوم الآخر، يعني أن تحاسب نفسك، وتُبصر أثر أعمالك.
العقيدة الحقيقية تُشبه الزاد… تُغذّي قلبك وتُقيم سلوكك.
💬 لا تخف من السؤال، ولكن اسأل كما سأل الصحابة
جاء أناس إلى النبي ﷺ يشكون من وساوس داخلهم لا يستطيعون التلفظ بها.فقال ﷺ: "ذاك صريح الإيمان".
لأنهم شعروا بالألم منها، ولم يُسلّموا لها.
الإيمان لا يعني غياب الوسوسة… بل مقاومتها.
🧘 طمأنينة العقيدة لا تعني غياب الابتلاء… بل الثبات فيه
لا تظن أن اليقين يعني أن الحياة ستكون سهلة.لكن الإيمان يمنحك ظهرًا تتكئ عليه، وسماءً تُناجيها، وسرًا لا تبوح به لأحد إلا الله.
هو ليس مخرجًا من الألم… بل قوّة تحمّله.
🔐 ما الذي يُغلق باب اليقين؟
-
الكبرياء العقلي: أن ترفض كل إجابة لأنها لا "تُعجبك"
-
الهوى: حين لا تبحث عن الحق… بل عن ما يُبرّر لك ما تفعل
-
الاستعجال: حين تُريد أجوبة كاملة دفعة واحدة دون صبر
-
العزلة: أن تفكر وحدك بلا مُرشد ولا أهل علم
القلب المُتصل بالله، لا ينقطع عنه بسهولة… حتى إن تعثّر.
🌈 من الضباب إلى النور… ليس طريقًا مستحيلًا
كل من عاد إلى الله بعد مرحلة شك، يحكي القصة نفسها:"شعرت أنني تائه… ثم وصلت إلى لحظة صدق. سألت الله من قلبي… وإذا بالنور يتسلل شيئًا فشيئًا."
لا معجزة حدثت، ولا حلم عجيب… فقط صوت داخلي استجاب لدعاء صادق.
كل من صدق في سؤاله… نال من الله إجابة تهديه.
🌟 خلاصة القول
الشك لا يعني أنك ضللت الطريق… بل ربما أنك على وشك أن تجده.
الضباب لا يدوم، والنور ينتظر من يفتّش عنه بصدق.
اقترب، ابحث، اسأل، تعلّم، تواضع، وادعُ الله من أعماق قلبك.
ومن يدري… لعل الله يجعل من شكك بابًا إلى إيمان أعمق مما حلمت به.
